«لا أجد ما يكفيني وبناتي من الطعام والشراب». كلمات لا تقوى أم علي الفاقدة للبصر على إكمالها، فالفقر المدقع لا يتوقف في بيت الصفيح الذي تقطنه وزوجها المقعد منذ نحو 47 عاما في مدينة صفوى التابعة لمحافظة القطيف.
مأساة العائلة المكونة من 10 أشخاص تطفح رائحتها فور دخولك إلى الباب، فكامرا «الرياض» التي تجولت في غرف الكوخ الذي وصفته إحدى بنات أم علي ب«غير الصالح للسكن أصلا» رصدت مشاهد الفقر في وجوه الأطفال والنساء اللاتي يأملن الخلاص من الحال التي وجدوا أنفسهم فيها.ويقول طفل وجد نفسه في مأساة الفقر: «لا أستطيع اللعب أو الخروج من البيت لأني أقل مستوى من بقية الأطفال»، فيما تسرد أم علي قصتها قائلة: «إن الفقر يضربنا منذ زمن، كما أن زوجي رجل طاعن في السن ومقعد ولا نستطيع أن نفعل شيئاً لبناتنا»، وتضيف «نتلقى مساعدات من جمعية صفوى لكن هذه المساعدات لا تكفي لانتشالنا من هذا المكان المحاط بأخشاب رقيقة لا تستر حتى سرنا».
وتتخوف العائلة حاليا من ادعاء أحد الأشخاص عليهم بأن الأرض تعود له، ويقول أبو علي (75 عاما): «طلبني رجل لمجلس معين وطلب مني أن أبصم على ورقه إيجار ليثبت أن الأرض له»، مستدركا «ليس هناك صك لديه وهو الآن يهددني وعائلتي بالخروج». ويضيف «لن أخرج أبدا فليس لدي مكان أذهب إليه».
وتعيش العائلة في وضع مزرٍ جدا، وتفتقر ثلاث غرف لأبسط مقومات الإقامة، ويضطر الأطفال للنوم في غرفة مهترئة واحدة كي يفسحوا المجال لبقية أفراد العائلة، فيما تعيش البنات في وضع مأساوي، إذ لا يستطعن حتى أن يرتبن غرفتهن.وعن نفسها تقول إحدى الفتيات (22 عاما): «ولدت في هذا الكوخ وأتمنى أن أنتقل لحياة أفضل»، حيث اني «واصلت تعليمي وتخرجت من الثانوية وأملك شهادة معهد»، وآمل في فرصة وظيفية أواجه بها هذا الفقر.
ولعل أكبر طموح للعائلة يكمن في إيجاد وظائف يتمكنون من خلالها تحسين مستواهم المعيشي، وعن معاناتهم في فصل الشتاء فتقول: «إن أكثر ما نخشاه المطر خصوصا أن هذا المكان لا يعتبر آمنا، فتمديد الكهرباء بدائي جدا ولا نستطيع أن نغيره لأن المكان خرب أصلا».
وعلى رغم الحرقة التي بدت في داخل أم علي، إلا أن الصبر والثقة في تحسن الحال لم تتركها منذ أول يوم في زواجها، وتقول: «كلما أنجبت طفلا زاد أملي في الله القادر على تحسين الأحوال»، مشيدة بأهل الخير في هذا الجانب، ف«هم الذين يأخذون الحسنات حين يساعدون الفقراء ويكون ذلك رصيدا لديهم في الآخرة».
وليس بعيدا عن صبر أم علي يقول أبو علي الرجل المقعد: «لو كنت قادرا على العمل لما توانيت عن ذلك لكنني مقعد ولا أستطيع أن أغير حياة عائلتي للأفضل».
--------------------------------------------------
القطيف - منير النمر: تصوير - زكريا العبدالعال
الرياض
القطيف - منير النمر: تصوير - زكريا العبدالعال
الرياض